التفكير بطبيعة الخلق حافز للارتباط بالله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
يقول الله تعالى في محكم كتابه: **هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ**[البقرة: 29].
في الآية لفتة إلى جانب النعمة الَّتي لا تجعل عظمة الخلق بعيدة عن حياة الإنسان وحاجاته، وذلك من خلال ما توحيه كلمة {لَكُم** من تسخير الأرض للإنسان بكلّ ما فيها من طاقات ظاهرة أو باطنة، ما يجعل من توجيهه إليها وإلى التفكير فيها عند التفكير في طبيعة الخلق، حافزاً للارتباط بالله، من خلال شعوره بحاجته المطلقة إليه، إلى جانب الشعور بعظمته المبدعة. وقد يكون في هذا الأسلوب القرآني الرائع لفتة قرآنية تعطي قضية الإيمان بالله حيوية نابضة تتفجر بالحياة الإنسانية في كلّ مظاهرها وحاجاتها، الأمر الَّذي يبعدها عن الجفاف والجمود الذي يتمثّل في أساليب البحث في العقيدة كشيء تجريدي خارج نطاق الحياة العملية للإنسان.
فقد أراد الله للإنسان أن يعيش في هذه الأرض، وهيّأ له الوسائل المتنوّعة التي تتصل بحاجاته الخاصة والعامة في أعماق الأرض وسطوحها وآفاق الفضاء المحيط بها، ليستطيع الإنسان الحياة عليها من خلال قدرته على إدارته لها في تسخير كلّ طاقاتها له، وفي تسخير الكون المطلّ عليها والمحيط بها لرعاية كلّ أوضاعه. وهكذا، يؤكد الله أنه أبدع ما في الأرض لأجل الإنسان؛ تكريماً له، وتأكيداً لقيمته المميزة لديه من بين مخلوقاته. {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ** أي انتهى إليها، وقد نستفيد من التعبير بـ {ثُمَّ** ـ التي تدل على الترتيب مع التراخي ـ تأخر خلق السَّماء عن الأرض، ويمكن أن يكون الترتيب ذكرياً حقيقياً، لأنَّ المراد هو التركيز على طبيعة الخلق لا على الأوقات.
{فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـوَاتٍ**، من غير بيان تفصيلي لطبيعة هذه السَّماوات وكيفياتها ومواقعها وأدوارها، إلى ما هنالك من أسئلة يمكن أن تثار حول هذا الموضوع.
{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ**، محيط بحقائق الأشياء، ما يجعل للخلق معنى الإتقان والإحكام إلى جانب القدرة والاستيلاء، ليوحي للإنسان بأنَّ تقدير كلّ هذه النعم وهذه المخلوقات، وتدبير كلّ شيء، منطلق من علم الله بمصالح العباد في ما يقدره لهم ويفرضه عليهم، ليحسوا بالثقة والطمأنينة في كلّ مجالات الحياة.
أمّا الاستواء الَّذي يعني القعود، فلا يتناسب مع تنزيه الله عن الجسميَّة، فلا بُدَّ من اعتبار الكلمة واردة في مورد الاستعارة لبيان خلق السَّموات ومشيئته لذلك بعد خلق الأرض، من غير أن تتعلّق إرادته في ما بين ذلك بخلق شيء آخر. والمراد بالسَّماء جهة العلوّ... أمّا السَّماوات السبع، فلا نملك معرفة واسعة شاملة لطبيعتها في أجواء الآيات القرآنيَّة المتفرقة، بل كلّ ما عندنا هو الحديث عن السَّماء الدنيا بأنها قد زينت بزينة الكواكب، ما يوحي بأنَّ هذه النجوم المتناثرة في الفضاء موجودة في آفاق السَّماء الدنيا، وذلك في قوله سبحانه: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ**[الصافات: 6].
وقد ورد في بعض الآيات الإشارة إلى وجود بعض المعلومات المتعلّقة بأحوال الأرض لدى أهل هذه السَّماء، مما كان يغري بعض المخلوقات، كالجنّ والشياطين، باستراق السمع، ولكن الله يمنعهم من ذلك بواسطة الشهب التي تنطلق إليهم لتحرقهم أو لتبعدهم، وذلك في قوله تعالى: **وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ**[فصلت: 12]، وقوله تعالى: **وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ**[الحجر: 17، 18]. وقوله تعالى في سورة الجنّ: {وأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً**[الجن: 9]. ويكثر الحديث عن وجود الملائكة في السَّماء، وتنزُّلهم منها إلى الأرض، ولكن لا يتضمَّن شيء من تلك الآيات أي تفصيل لذلك.
وترفض بعض الآيات القرآنية ـ في ظاهرها ـ اعتبار الشمس والقمر من هذه السَّماوات، لأنها تعتبر السَّماوات مكاناً لهذين الكوكبين وغيرهما، وذلك في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَمَـواتٍ طِبَاقاً *وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجا**[نوح: 15، 16].
وقد تعدّدت الآراء حول المراد بالسَّماوات السبع، فهناك من قال: إنها السيارات السبع في مصطلح الفلكيين القدماء، وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل والقمر والشمس، وهناك من قال: إنَّ المقصود بها هو الطبقات المتراكمة للغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية. ومنهم من رفض اعتبار السبعة عدداً مقصوداً بمدلوله الحرفي، بل هو أسلوب من أساليب التعبير عن الكثرة، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللّه**[لقمان:27]. فإنّ من الطبيعي أنَّ علم الله لا ينتهي بهذه الكمية، حتى لو كان هناك الآلاف من الأبحر، بل المقصود الكثرة.
ولكنَّ هذا الرأي ينافيه تأكيد كلمة السَّماوات السبع في أكثر من آية، ما يوحي بأنَّ للعدد خصوصية وجوديّة، كما أنَّ رأي المفسّرين القدماء لا شاهد له، بل إنَّ الاكتشافات الحديثة دلت على أنَّ هناك كواكب سيارة أخرى مثل "نبتون" و"بلوتو" و"أورانوس".
ويقول بعض الفلكيين حول مرصد "بالمور"، في وصفه للمدى الذي بلغه الإنسان في اكتشاف الكون، بالمستوى الذي لا مجال لتحديده بحدود معينة في طبيعة العوالم الموجودة فيه:
"قبل نصب مرصد بالمور، كان العالم في نظرنا لا يزيد عن خمسمائة سنة ضوئية، لكن هذا الناظور وسّع عالمنا إلى ألف مليون سنة ضوئية، واكتشف على أثر ذلك ملايين المجرات الجديدة التي يبعد بعضها عنّا ألف مليون سنة ضوئية. أمّا بُعد هذه المسافة، فيتراءى لنا فضاء عظيم رهيب مظلم لا نبصر فيه شيئاً، أي أنَّ النور لا ينفذ إليه كي يؤثر في صفحة التصوير في المرصد.
ومن دون شكّ، فإنَّ هذا الفضاء المهيب المظلم يحتوي مئات الملايين من المجرّات التي تحافظ بجاذبيتها على هذا العالم المرئي.
كلّ هذا العالم العظيم المرئي الحاوي مئات آلاف الملايين من المجرات، ليس إلاَّ جزءاً صغيراً جداً من عالم أعظم، ولسنا واثقين من وجود عالم آخر غير هذا العالم الأعظم".
وإننا لا نشجّع الخوض في مزيد من التفاصيل في هذا المجال، لأنه يدخلنا في تيهٍ من التصوّرات، ويحملنا على الاستسلام الساذج لكثير من الأحاديث الضعيفة التي لا تفيد علماً ولا ظناً، بل تترك الإنسان يواجه المعرفة القرآنية بما لا يغذي الجوع الحقيقي للمعرفة الحقّة، فيسلمنا ذلك إلى الوقوع في فخ الخرافة الذي ينصبه الوضّاعون. فلنقف حيث يريدنا الله أن نقف مما لم يكلفنا علمه، ولم يشرح لنا غوامضه، ولم يهيئ لنا السبيل لمعرفته، وهذا هو الطريق الأمثل الذي ينبغي أن تسير عليه المعرفة الإسلامية في ما تأخذ وتدع، فليس من الضروري أن نتكلَّف معرفة ما لا حاجة لنا لمعرفته، ولا سبيل لنا إليه مما أجمله القرآن الكريم في آياته، ولم تحاول السنّة النبوية الشريفة أن توضحه، لأنَّ الحاجة لا تقضي إلاَّ بالإشارة إليه في مجال الحديث عن قدرة الله وسعة مخلوقاته، ولعلّ هذا ما يبعدنا عن الوقوع في أحاديث الإسرائيليات التي استغلت مجملات القرآن التي أجملها الله عن حكمة، فحاولت أن تشبع نهم الفضول الذاتي لدى المسلمين، أو الذي حاولت إثارته لديهم حتى تغرقهم في الأجواء القصصيَّة التي تبعدهم عن الأشياء الأساسيَّة في العقيدة والتشريع، نظراً إلى الطبيعة البشرية الطفولية التي تنجذب إلى أجواء القصة وتفاصيلها أكثر من أجواء الفكر والتشريع، ثُمَّ تفرض ـ من خلال ذلك ـ مفاهيمها المنحرفة عن التصور الإسلامي للتاريخ والكون والحياة.
تفسير من وحي القرآن
السيد محمد فضل الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
يقول الله تعالى في محكم كتابه: **هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ**[البقرة: 29].
في الآية لفتة إلى جانب النعمة الَّتي لا تجعل عظمة الخلق بعيدة عن حياة الإنسان وحاجاته، وذلك من خلال ما توحيه كلمة {لَكُم** من تسخير الأرض للإنسان بكلّ ما فيها من طاقات ظاهرة أو باطنة، ما يجعل من توجيهه إليها وإلى التفكير فيها عند التفكير في طبيعة الخلق، حافزاً للارتباط بالله، من خلال شعوره بحاجته المطلقة إليه، إلى جانب الشعور بعظمته المبدعة. وقد يكون في هذا الأسلوب القرآني الرائع لفتة قرآنية تعطي قضية الإيمان بالله حيوية نابضة تتفجر بالحياة الإنسانية في كلّ مظاهرها وحاجاتها، الأمر الَّذي يبعدها عن الجفاف والجمود الذي يتمثّل في أساليب البحث في العقيدة كشيء تجريدي خارج نطاق الحياة العملية للإنسان.
فقد أراد الله للإنسان أن يعيش في هذه الأرض، وهيّأ له الوسائل المتنوّعة التي تتصل بحاجاته الخاصة والعامة في أعماق الأرض وسطوحها وآفاق الفضاء المحيط بها، ليستطيع الإنسان الحياة عليها من خلال قدرته على إدارته لها في تسخير كلّ طاقاتها له، وفي تسخير الكون المطلّ عليها والمحيط بها لرعاية كلّ أوضاعه. وهكذا، يؤكد الله أنه أبدع ما في الأرض لأجل الإنسان؛ تكريماً له، وتأكيداً لقيمته المميزة لديه من بين مخلوقاته. {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ** أي انتهى إليها، وقد نستفيد من التعبير بـ {ثُمَّ** ـ التي تدل على الترتيب مع التراخي ـ تأخر خلق السَّماء عن الأرض، ويمكن أن يكون الترتيب ذكرياً حقيقياً، لأنَّ المراد هو التركيز على طبيعة الخلق لا على الأوقات.
{فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـوَاتٍ**، من غير بيان تفصيلي لطبيعة هذه السَّماوات وكيفياتها ومواقعها وأدوارها، إلى ما هنالك من أسئلة يمكن أن تثار حول هذا الموضوع.
{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ**، محيط بحقائق الأشياء، ما يجعل للخلق معنى الإتقان والإحكام إلى جانب القدرة والاستيلاء، ليوحي للإنسان بأنَّ تقدير كلّ هذه النعم وهذه المخلوقات، وتدبير كلّ شيء، منطلق من علم الله بمصالح العباد في ما يقدره لهم ويفرضه عليهم، ليحسوا بالثقة والطمأنينة في كلّ مجالات الحياة.
أمّا الاستواء الَّذي يعني القعود، فلا يتناسب مع تنزيه الله عن الجسميَّة، فلا بُدَّ من اعتبار الكلمة واردة في مورد الاستعارة لبيان خلق السَّموات ومشيئته لذلك بعد خلق الأرض، من غير أن تتعلّق إرادته في ما بين ذلك بخلق شيء آخر. والمراد بالسَّماء جهة العلوّ... أمّا السَّماوات السبع، فلا نملك معرفة واسعة شاملة لطبيعتها في أجواء الآيات القرآنيَّة المتفرقة، بل كلّ ما عندنا هو الحديث عن السَّماء الدنيا بأنها قد زينت بزينة الكواكب، ما يوحي بأنَّ هذه النجوم المتناثرة في الفضاء موجودة في آفاق السَّماء الدنيا، وذلك في قوله سبحانه: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ**[الصافات: 6].
وقد ورد في بعض الآيات الإشارة إلى وجود بعض المعلومات المتعلّقة بأحوال الأرض لدى أهل هذه السَّماء، مما كان يغري بعض المخلوقات، كالجنّ والشياطين، باستراق السمع، ولكن الله يمنعهم من ذلك بواسطة الشهب التي تنطلق إليهم لتحرقهم أو لتبعدهم، وذلك في قوله تعالى: **وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ**[فصلت: 12]، وقوله تعالى: **وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ**[الحجر: 17، 18]. وقوله تعالى في سورة الجنّ: {وأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً**[الجن: 9]. ويكثر الحديث عن وجود الملائكة في السَّماء، وتنزُّلهم منها إلى الأرض، ولكن لا يتضمَّن شيء من تلك الآيات أي تفصيل لذلك.
وترفض بعض الآيات القرآنية ـ في ظاهرها ـ اعتبار الشمس والقمر من هذه السَّماوات، لأنها تعتبر السَّماوات مكاناً لهذين الكوكبين وغيرهما، وذلك في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَمَـواتٍ طِبَاقاً *وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجا**[نوح: 15، 16].
وقد تعدّدت الآراء حول المراد بالسَّماوات السبع، فهناك من قال: إنها السيارات السبع في مصطلح الفلكيين القدماء، وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل والقمر والشمس، وهناك من قال: إنَّ المقصود بها هو الطبقات المتراكمة للغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية. ومنهم من رفض اعتبار السبعة عدداً مقصوداً بمدلوله الحرفي، بل هو أسلوب من أساليب التعبير عن الكثرة، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللّه**[لقمان:27]. فإنّ من الطبيعي أنَّ علم الله لا ينتهي بهذه الكمية، حتى لو كان هناك الآلاف من الأبحر، بل المقصود الكثرة.
ولكنَّ هذا الرأي ينافيه تأكيد كلمة السَّماوات السبع في أكثر من آية، ما يوحي بأنَّ للعدد خصوصية وجوديّة، كما أنَّ رأي المفسّرين القدماء لا شاهد له، بل إنَّ الاكتشافات الحديثة دلت على أنَّ هناك كواكب سيارة أخرى مثل "نبتون" و"بلوتو" و"أورانوس".
ويقول بعض الفلكيين حول مرصد "بالمور"، في وصفه للمدى الذي بلغه الإنسان في اكتشاف الكون، بالمستوى الذي لا مجال لتحديده بحدود معينة في طبيعة العوالم الموجودة فيه:
"قبل نصب مرصد بالمور، كان العالم في نظرنا لا يزيد عن خمسمائة سنة ضوئية، لكن هذا الناظور وسّع عالمنا إلى ألف مليون سنة ضوئية، واكتشف على أثر ذلك ملايين المجرات الجديدة التي يبعد بعضها عنّا ألف مليون سنة ضوئية. أمّا بُعد هذه المسافة، فيتراءى لنا فضاء عظيم رهيب مظلم لا نبصر فيه شيئاً، أي أنَّ النور لا ينفذ إليه كي يؤثر في صفحة التصوير في المرصد.
ومن دون شكّ، فإنَّ هذا الفضاء المهيب المظلم يحتوي مئات الملايين من المجرّات التي تحافظ بجاذبيتها على هذا العالم المرئي.
كلّ هذا العالم العظيم المرئي الحاوي مئات آلاف الملايين من المجرات، ليس إلاَّ جزءاً صغيراً جداً من عالم أعظم، ولسنا واثقين من وجود عالم آخر غير هذا العالم الأعظم".
وإننا لا نشجّع الخوض في مزيد من التفاصيل في هذا المجال، لأنه يدخلنا في تيهٍ من التصوّرات، ويحملنا على الاستسلام الساذج لكثير من الأحاديث الضعيفة التي لا تفيد علماً ولا ظناً، بل تترك الإنسان يواجه المعرفة القرآنية بما لا يغذي الجوع الحقيقي للمعرفة الحقّة، فيسلمنا ذلك إلى الوقوع في فخ الخرافة الذي ينصبه الوضّاعون. فلنقف حيث يريدنا الله أن نقف مما لم يكلفنا علمه، ولم يشرح لنا غوامضه، ولم يهيئ لنا السبيل لمعرفته، وهذا هو الطريق الأمثل الذي ينبغي أن تسير عليه المعرفة الإسلامية في ما تأخذ وتدع، فليس من الضروري أن نتكلَّف معرفة ما لا حاجة لنا لمعرفته، ولا سبيل لنا إليه مما أجمله القرآن الكريم في آياته، ولم تحاول السنّة النبوية الشريفة أن توضحه، لأنَّ الحاجة لا تقضي إلاَّ بالإشارة إليه في مجال الحديث عن قدرة الله وسعة مخلوقاته، ولعلّ هذا ما يبعدنا عن الوقوع في أحاديث الإسرائيليات التي استغلت مجملات القرآن التي أجملها الله عن حكمة، فحاولت أن تشبع نهم الفضول الذاتي لدى المسلمين، أو الذي حاولت إثارته لديهم حتى تغرقهم في الأجواء القصصيَّة التي تبعدهم عن الأشياء الأساسيَّة في العقيدة والتشريع، نظراً إلى الطبيعة البشرية الطفولية التي تنجذب إلى أجواء القصة وتفاصيلها أكثر من أجواء الفكر والتشريع، ثُمَّ تفرض ـ من خلال ذلك ـ مفاهيمها المنحرفة عن التصور الإسلامي للتاريخ والكون والحياة.
تفسير من وحي القرآن
السيد محمد فضل الله
الخميس يوليو 02, 2015 7:37 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» υη∂єя тнє ℓιgнт мσση •••❥
الخميس يوليو 02, 2015 7:05 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» قوانين قسم المدونات |
الخميس يوليو 02, 2015 6:45 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» مهم : قوانين المنتدى .
الخميس يوليو 02, 2015 6:13 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» السلام عليكم
الخميس يوليو 02, 2015 6:06 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» ياصحاب المنتدى
الخميس يوليو 02, 2015 5:59 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» فساتين عرايس 2014
السبت مارس 01, 2014 5:17 am من طرف ✿k̲яуşταł
» تسريحا عرايس روعة 2014
الثلاثاء فبراير 25, 2014 3:08 am من طرف بريق الرعد
» الأحمر نجم ألوان أحذيه الشتاء
الأحد فبراير 16, 2014 11:33 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» لعبه راح تاخذ فيها الاجر ان شاء الله
السبت فبراير 15, 2014 6:08 pm من طرف صغيره بس خطيره
» اليوم راع اعرفكم عن نفسي
الأحد فبراير 09, 2014 9:30 pm من طرف ✿k̲яуşταł
» مرحبا انا عضوه جديده
السبت فبراير 08, 2014 4:48 pm من طرف صغيره بس خطيره
» سجل حضورك بصوره متحركه
الخميس فبراير 06, 2014 1:15 pm من طرف زائر
» مجموعة من مواقفي المضحكة
الخميس فبراير 06, 2014 3:30 am من طرف ✿k̲яуşταł
» ضيفة كرسي الاعتراف
الخميس فبراير 06, 2014 3:24 am من طرف ✿k̲яуşταł
» أشهر الماركات لحذاء حواء المسطح
الخميس فبراير 06, 2014 3:20 am من طرف ✿k̲яуşταł
» سجل حضورك بزي طفل
الثلاثاء فبراير 04, 2014 10:03 pm من طرف صغيره بس خطيره
» معنى العرش
الثلاثاء فبراير 04, 2014 5:21 pm من طرف زائر
» كيف يستقبل الله التائبين
الثلاثاء فبراير 04, 2014 2:05 pm من طرف زائر
» التوبة ودورها في عملية الإصلاح
الثلاثاء فبراير 04, 2014 2:04 pm من طرف زائر